إن نظام المعاملات المدنية الجديد هو قفزة واسعة نحو تطوير مهم بالمنظومة القضائية بالمملكة العربية السعودية، وبتطبيقه ستكون هناك ضمانات أكبر لتحقيق العدالة التي تهدف إليها المنظومة القضائية بشكل فعال وفي الوقت المناسب، وهو ما يعزز ثقة المجتمع في النظام القضائي ويعكس التزام المملكة العربية السعودية بالتطوير المستمر للمنظومة القضائية بما يحقق المصالح المنشودة لأفراد المجتمع. ومن الجدير بالذكر أن نظام المعاملات المدنية الجديد هو جوهرة الأنظمة لأنه سوف يساهم بشكل كبير في تقليل عبء المحاكم وإدارة القضايا بشكل أفضل، وذلك بفضل تحديد فترة زمنية محددة لرفع الدعاوى، حيث يعزز الانضباط القضائي ويمنع التأخير غير المبرر في تقديم الدعاوى حيث إن هذا النظام يُعتبر أحد أهم الإصلاحات المهمة في النظام القضائي السعودي، وتعكس التزام المملكة بتعزيز سيادة الأنظمة وتحقيق العدالة للجميع. ويعتبر النصاب الزمني من الآليات القانونية المهمة المستحدثة بالنظام والتي رسخت مبدأ التقادم بالنظام القضائي. وهذا النصاب الزمني يختلف حسب نوع القضية والتشريعات المعمول بها في المملكة حيث تعد الأنظمة المحددة للمدد الزمنية لرفع الدعاوى أمراً مهماً في القضاء السعودي بشكل عام، حيث يجب أن يتم رفع الدعوى في غضون هذه الفترة المحددة لتكون قابلة للنظر والبت فيها. ويعد هذا الإجراء جزءًا من جهود المملكة لتطوير وتحديث نظامها القضائي، وتوفير بيئة قانونية عادلة وشفافة للمواطنين والمقيمين على حد سواء، حيث يهدف هذا النظام إلى تبسيط وتسريع العمليات القضائية، وضمان حقوق الأفراد وتطبيق العدالة بطريقة فعالة. ومن إحدى المسائل المهمة التي تناولها نظام المعاملات المدنية الجديد في الفرع الثالث: [التقادم المانع من سماع الدعوى] من الفصل الثالث: [انقضاء الالتزام دون الوفاء به] من الباب الخامس: [انقضاء الالتزام]، حيث لا ينقضي الحق بمرور الزمن، ولكن لا تُسمع الدعوى به على المنكر بانقضاء عشر سنوات، ولا تُسمع الدعوى على المنكر بانقضاء خمس سنوات في حقوق أصحاب المهن الحرة، كالأطباء والمحامين والمهندسين عما أدوه من عملٍ متصلٍ بمهنهم وما أنفقوه من نفقة؛ وكذلك ولا تُسمع الدعوى على المنكر بانقضاء خمس سنوات في الحقوق الدورية المتجددة، كأجرة العقارات والأجور والإيرادات المرتبة ونحوها، ويُستثنى من ذلك إذا كان الحق ريعًا في ذمة حائزٍ سيئ النية أو ريعًا واجبًا على ناظر الوقف أداؤه للمستحق، فلا تسمع الدعوى بشأنه بانقضاء عشر سنوات. ولا تُسمع الدعوى على المنكر بانقضاء سنة في حقوق التّجار عن السلع والخدمات المقدمة لأشخاصٍ لا يتّجرونَ فيها. ولا تُسمع الدعوى على المنكر بانقضاء سنة في حقوق أصحاب المنشآت المعدة لإيواء النزلاء والمطاعم ومن في حكمهم الناشئة عن ممارسة تلك الأنشطة. ولا تُسمع الدعوى على المنكر بانقضاء سنة في حقوق الأجراء من أجورٍ يوميَّةٍ وغير يوميَّةٍ ومن ثمن ما قدموه من أشياء. ولا تُسمع الدعوى في الحقوق الواردة في الفقرة (أ) من المادة (296) من نظام المعاملات المدنية والحقوق الواردة في المادة (297) من نظام المعاملات المدنية بانقضاء المدد المعينة ولو استمر نوع التعامل بين أصحابها والمدينين بها، وإذا حُرِّر سند بحقٍّ من هذه الحقوق لم يمتنع سماع الدعوى به إلا بانقضاء عشر سنوات من تاريخ تحرير السند. ويبدأ سريان المدة المقررة لعدم سماع الدعوى لمرور الزمن - فيما لم يرد فيه نص نظامي - من اليوم الذي يكون فيه الحق مستحق الأداء. ويقف سريان مدة عدم سماع الدعوى كلما وُجد عذرٌ تتعذر معه المطالبة بالحق. ويعدُّ من الأعذار التي يقف بها سريان مدة عدم سماع الدعوى وجود تفاوضٍ عن حسن نيَّةٍ بين الطرفين يكون قائمًا عند اكتمال المدة، أو وجود مانع أدبي يحول دون المطالبة. وإذا تعدد الدائنون بدينٍ واحدٍ ولم يطالب أي منهم بالحق فإن عدم سماع الدعوى لا يسري إلا على من ليس له عذر منهم. تنقطع مدة عدم سماع الدعوى في حال إقرار المدين بالحق صراحةً أو ضمنًا، أو المطالبة القضائية، ولو كانت أمام محكمة غير مختصة، أو أي إجراءٍ قضائيٍّ آخر يقوم به الدائن للتمسك بحقه. وإذا انتقل الحق من شخص إلى خلفه فلا تنقطع المدة المقررة لعدم سماع الدعوى. وإذا انقطعت مدة عدم سماع الدعوى بدأت مدةٌ جديدةٌ مماثلة للمدة الأولى من انتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع. وإذا صدر حكم قضائي بحق، أو كان الحق من الحقوق الواردة في الفقرة (أ) من المادة (296) من هذا النظام أو الحقوق الواردة في المادة (297) من نظام المعاملات المدنية وانقطعت مدة عدم سماع الدعوى بإقرار المدين؛ فتكون المدة الجديدة عشر سنوات، إلا أن يكون الحق المحكوم به متضمنًا لالتزامات دورية متجددة لا تستحق الأداء إلا بعد صدور الحكم. ولا يجوز الاتفاق على تقصير مدة عدم سماع الدعوى، ولا على إطالتها. ولا يجوز أن يُسقط المدين حقه في التمسك بعدم سماع الدعوى قبل ثبوت هذا الحق له. وإسقاط المدين حقه في التمسك بعدم سماع الدعوى تجاه بعض دائنيه لا ينفذ في حق الباقين إذا كان مضرًّا بهم. ولا تقضي المحكمة بعدم سماع الدعوى لمرور الزمن إلا بناءً على طلب المدين أو ذي مصلحة، وهذه القواعد مجتمعة تعد ترسيخاً لمفهوم التقادم بالنظام السعودي وسيكون سبباً مباشراً لاستقرار التعاملات المدنية بين أفراد المجتمع، ولابد أن تكون هذه القواعد معلومة للعامة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ورسائل التوعية من العاملين بمهنة المحاماة لمعرفة الأفراد ما يترتب على عدم المطالبة بحقوقهم خلال المدد النظامية التي نص عليها هذا النظام، مما يؤدي مستقبلاً لرفع الوعي القانوني للفرد والمجتمع.
https://www.alriyadh.com/2051352
د. أنور علي بخرجي
محامٍ ومستشار قانوني