د. أنور علي بخرجي|
من المؤكد أن الميزانية العمومية للمملكة التي أقرها مجلس الوزراء للعام المقبل قد فاقت جميع توقعات المراقبين والمهتمين بالشأن الاقتصادي إذ تعد أكبر ميزانية في تاريخ المملكة بحجم إيرادات بلغ 829 مليار ريال ومصروفات تقديرية 820 مليار ريال وفائض بلغ تسعة مليارات ريال. فميزانية بهذا الحجم غير المسبوق تعد طفرة كبيرة ونقلة نوعية نحو دور متنام وواعد بدفع عجلة الارتقاء والتطور بمختلف المجالات الاقتصادية ومن الطبيعي أن يسهم ذلك بشكل إيجابي في تطور جميع مناحي الحياة الاجتماعية والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين وتوفير سبل العيش الكريم والهانئ لهم عن طريق إتاحة فرص العمل للشباب وحل إشكالية البطالة التي أصبحت هاجساً مؤرقاً لا بد من اقتلاعه من جذوره عن طريق تضافر الجهود الرسمية والشعبية، فقد أجازت الدولة ميزانيتها للعام المقبل بحجم إنفاق غير مسبوق في ظل ظروف إقليمية وعالمية معقدة وأزمات اقتصادية طاحنة أرهقت العديد من الدول العظمى والمتقدمة، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على الاهتمام والرعاية التي يوليها ولاة الأمر لتذليل الإشكالات الحياتية التي تواجه المواطن وإنعاش الحياة الاقتصادية. والجدير بالذكر في هذا المجال وطالما أن الدولة قد سخرت إمكاناتها ومقدراتها لتطوير الحياة الاقتصادية والتنموية وإحداث تنمية مستدامة عن طريق زيادة إنفاقها على جميع المشروعات القائمة والمقترحة وتطويرها بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن، فمن الواجب أن يتوج هذا العطاء ببذل المزيد من الجهد والمثابرة من قبل القائمين على تنفيذ تلك البرامج والمشروعات وتقديرهم للمسؤولية الملقاة على عاتقهم باعتبار أنهم محاسبون أمام الله ثم الوطن والمواطن عن تنفيذ الخطط التنموية التي أجازتها الدولة وفقاً لموازنتها المعلنة، ومن هذا المنطلق فلا بد من تكثيف الجانب الرقابي والإشرافي لضمان المضي قدماً بتلك البرامج الطموحة والتي على أساسها تم اعتماد الموازنة المالية للعام المقبل، وفي تقديرنا فإن الدولة قد قامت بدورها في توفير الدعم المادي اللازم لإقامة المشروعات التنموية والارتقاء بجميع المناحي الاقتصادية والاجتماعية ولا بد من القائمين على أمر التنفيذ أن يعملوا على قدم وساق على إنجاز المهام الموكلة إليهم وفقاً للأصول المهنية المتعارف عليها. فإذا أمعنا النظر حول إنفاق الدولة تجاه المشروعات التنموية في الأعوام الماضية نجد بأنها قد خصصت مبالغ طائلة تكفي في كل عام في إنشاء بنية تحتية متكاملة لا يستهان بها تلبية للاحتياجات الملحة لتطوير الحياة الاقتصادية والاجتماعية الأمر الذي يحتم ضرورة إقرار مبدأ الشفافية حول ما تم انجازه بجميع القطاعات وذلك عن طريق تقديم تقارير مالية مفصلة معلنة للمواطن من قبل القائمين على تنفيذ تلك المشروعات وتوضيح أوجه الصرف وما تم إنجازه فعلياً وذلك لتقييم الأداء التنفيذي لكل قطاع على حدا والتأكد من سير العملية التنموية وفقاً للخطط والبرامج التي تم إقرارها وتوفير الدعم المادي المطلوب لإنجازها، باعتبار أن المسؤولية تقتضي الشفافية والوضوح وذلك بقية الوصول إلى النتائج المرجوة. حيث إنه من الواضح ضخامة ميزانية كل قطاع في كل عام والثابت تعثر المشاريع وعدم اكتمالها مما يضع أكثر من علامة استفهام على الأرقام الواردة في هذه الميزانيات كل عام. إنني كمواطن منتمٍ إلى هذه البلاد الطاهرة وأنعم بالعيش بترابها أتطلع إلى تضافر وتعاضد أكثر قوة ومنعة من قبل كل مسؤول مكلف بمهام معينة لخدمة هذا الوطن ومواطنيه، ومن واجبنا بل من أبجديات التزاماتنا تجاه دولتنا أن نراعي مصالحها ونبذل كل ما نستطيع من جهد للارتقاء والتقدم نحو الأفضل واضعين في الاعتبار مسؤولياتنا نصب أعيننا، ويقيني بأن المحصلة ستعود بالنفع والخير لنا ولأجيالنا القادمة.